صدر عن المركز المغربي للأبحاث الإستراتيجية ودراسات السياسات، مع نهاية سنة 2017، كتاب جماعي ضمن سلسلة إضافات في الدراسات القانونية والسياسية تحت عنوان: "المسار الديمقراطي في المغرب على ضوء الانتخابات التشريعية لـ 07 أكتوبر 2016"، من تقديم د.امحمد مالكي وتنسيق د.البشير المتاقي. وإشراف لجنة علمية ضمت نخبة من الأساتذة الباحثين. ومراجعة د.محمد لمساعدي ود.عبد الرحيم خالص.
ويعد هذا الكتاب الجماعي والذي فاقت عدد صفحاته 600صفحة حيث تضمن30 مساهمة علمية ما بين البحوث والدراسات التي حاولت بمختلفها مقاربة موضوع المسار الديمقراطي للمغرب انطلاقا من محطة الانتخابات التشريعية لأكتوبر 2016، كل من زاوية اشتغاله المعرفية؛ بحيث، ضم دراسات قانونية وأخرى سياسية بجانب أبحاث سوسيولوجية واقتصادية وتاريخية ... الخ، حاولت رصد مراحل العملية الانتخابية لهده المرحلة الدقيقة من الحياة السياسية للمغرب .
إن المشترك بين مختلف الدراسات والأبحاث، كما جاء على خلفية غلاف الكتاب يهدف إلى النظر في التحولات الاجتماعية والسياسية التي عرفها المغرب منذ دستور 2011 إلى حدود تشريعيات أكتوبر 2016، وما تلاها من تطورات دقيقة على مستوى التحول الديمقراطي في الخطاب وكذا في الممارسة عند محاولة تشكيل حكومة الأغلبية البرلمانية.
ومن هذا المنطلق، يحاول الكتاب، سبر أغوار المسار الديمقراطي ببلادنا من منطلق الذي تحقق والذي لم يتحقق على مستوى فعل الانتقال إلى الديمقراطية من خلال بوابة الانتخابات عامة والانتخابات التشريعية خاصة.
علما أن موضوع الانتقال الديمقراطي في المغرب احتل حيزا مهما في الخطاب والفكر السياسيين، بل ازدادت حدة النقاش حول الموضوع مع سياق التحولات السياسية لمرحلة التسعينيات من القرن العشرين والتي أفضت إلى التناوب التوافقي وانتقال المعارضة التاريخية إلى السلطة.
ورغم كل الإصلاحات العميقة والجوهرية التي دشنها المغرب، بقي النقاش مفتوحا – وإلى اليوم – حول المسار الديمقراطي وتوطين أسس وقيم الممارسة السياسية الديمقراطية، بما يعكس الرغبة والإدارة السياسيين لجل الفاعلين في الدفع بمزيد من التراكم في هذا المسار.
وقد شكلت المحطات الانتخابية منذ بداية الألفية الثالثة، مناسبة لتجديد النقاش حول مدخل الدمقرطة، من خلال نزاهة وشفافية الانتخابات، والتنافس الديمقراطي على أساس وعود وبرامج انتخابية واضحة مع الالتزام بها، وتزكية نخب مؤهلة وقادرة على مراكمة تدبير جيد، والرفع من الوعي السياسي والانتخابي ثم التشجيع على المشاركة السياسية.
ويعتبر دستور 2011 محطة مفصلية في سيرورة الإصلاحات الهيكلية من خلال الدور المهم للعمليات الانتخابية البرلمانية ونتائجها، في رسم بنية السلطة التنفيذية، وبما يدعو النخب والأحزاب السياسية عموما إلى العمل على تقوية مكانتها وترسيخ ممارسة سياسية مواطنة تعزز المسار الديمقراطي بالمغرب.
وللوقوف عند هذه العناصر والتفكير فيها فقد حاول الكتاب تسليط الضوء عليها من خلال الإطار القانوني للانتخابات التشريعية، و البحث في القواعد القانونية المنصوص عليها في الدستور، والقوانين الانتخابية، وقانون الأحزاب، في محاولة الكشف عن مدى تمكن هذه الترسانة القانونية من تقديم منظومة معيارية تساهم في تأهيل الفعل السياسي إلى مستوى يضمن الفعالية والنجاعة والانسجام مع القيم السياسية الحديثة.
والسياق السياسي والسوسيولوجي، وذلك من خلال البحث والتفكير في دور المؤسسات السياسية وهيئات المجتمع المدني والمواطن. من خلال دراسة دور الأحزاب ومدى نجاحها في تقديم نخب سياسية لها مؤهلات معرفية وخبراتية، اللازمة للنهوض بمهام السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكذلك مدى تمكنها من إعداد برامج سياسية واقعية وعملية وقابلة للإنجاز، والتخلص من منطق الوعود الفضفاضة والشعارات الحالمة، التي لا تزيد سوى من تأجيج مستوى سوء الثقة في الفعل السياسي. والبحث في المنطق والرهانات التي على أساسها تبني علاقاتها وتحالفاتها وتحدد مواقفها من بعضها.
إضافة إلى دراسة دورها في المساهمة في تغطية مصاريف الحملة الانتخابية والبحث في مدى نجاحها في توزيع عادل للغلاف المالي المخصص لها بين الأحزاب المشاركة.